كيف يكون فارق السن بين الزوجين

بواسطة fachkal يوم الأربعاء، 7 ديسمبر 2011 القسم : 0 commentaires
هل يؤثر فارق السن على العلاقة بين الأزواج؟
كيف تكون الحياة إذا كان الزوج أكبر سناً؟
كيف تكون العلاقة إذا كانت المرأة أكبر سناً؟
كيف تكون الحياة إذا كان السن متقارب بين الزوجين؟
وما هو فارق السن المناسب بين الزوجين؟
عزيزي القارئ، القارئة:
إن للسن قيمة هامة في اسعاد الزواج وسلامته، وهو هام أيضاً لكي يتحقق الهدف من الزواج ويكون فيه التعاون بين الزوجين، ويسهل على كل واحد منهما فهم الآخر، وكم من زواج انتهى بالفشل الذريع؛ لأن الزوجين لم يكن بينهما تكافؤ، ولم يتحقق التفاهم والسكن المراد من الزواج.
ونحن نرى في حياتنا الاجتماعية ثلاثة من النماذج لا يخرج عنها صورة الزواج وهي:
النموذج الأول: هناك فارق سن كبير بين الزوجين أكثر من عشر سنوات، وقد يتعدى العشرين عاماً أو أكثر.
النموذج الثاني: قد تكبر المرأة الرجل بعام أو أعوام.
النموذج الثالث: التقارب في السن بين الزوجين بحيث لا يتعدى الفارق بينهما عشر سنوات.
الرجل أكبر من المرأة:
إذا كان الرجل هو الأكبر سناً فقد تكون العلاقة بينهما مثل علاقة الوالد بابنته، وتنشأ هوة عميقة بين الزوجين عند عدم تكافؤ السن بينهما، كأن تكون سن الرجل 45 سنة، وسن المرأة 20- 25 سنة.
ونحن نعرف رجلاً فاضلاً عمره 45 سنة تزوج من فتاة بكر عمرها 22 سنة، واستمر الزواج لمدة شهر فقط، ثم طلبت الفتاة الطلاق وهو أيضاً لم يستطع التفاهم معها وتفهم سنها ومرحلتها العمرية.
وليس من الانصاف أن يزج الإنسان بفتاة في مقتبل العمر وريعان الشباب تتمنى أن تبتسم لها الأمال، وتسبح بروحها في عالم الخيال، وكانت تؤمل أن يسوق لها القدر من يشاركها آمالها، ويحقق لها السعادة، ليس من الأنصاف أن يزج بهذه الفتاة بين أحضان شيخ لا ترى منه إلا نوم ثقيل وسعال السحر، زهدت فيه الدنيا وودعه الشباب إلى غير رجعة، وأوشك أن يكون في عالم الذكريات، يقول الشاعر:
سارت مشرقة وسرت مغرباً شتان بين مشرق ومغرب
ولا يخفى على أحد أن هم النساء في الرجل معروف كهم الرجال في المرأة، كلٌ يريد طرفاً آخر وشريكاً ينسجم معه في سنه وعواطفه.
وكم درسنا في علم النفس أن الإنسان يمر بمراحل عمرية مختلفة هي:
مرحلة المهد، مرحلة الطفولة المبكرة، مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة، مرحلة المراهقة، مرحلة الرشد (الشباب)، مرحلة الشيخوخة.
وكل مرحلة من هذه المراحل لها خصائصها التي تميزها والتي تخلتف عن باقي المراحل الأخرى.
فإذا تزوج رجل كبير السن بفتاة في العشرينات من عمرها فعلى كلاهما معرفة خصائص المرحلة العمرية عند الآخر حتى يتم التواصل بينهما ويمد جسر التفاهم مع هذا التباين الواضح في العمر والخصائص.
فمن صفات كبار السن:
وهو ما يُعاب عليه أنه لا يحتمل غيره، وتبدو عليه حال عصبية زائدة، أو اكتئاب نفسي، ومنهم من يصاب بالأرق، أو تقل شهيته للطعام، أو تضعف ذاكرته فينسى الحوادث القريبة، بينما يتذكر الحوادث البعيدة القديمة، وتقل بالتدريج قدرته على الفهم والحركة وتوضيح النطق وترتيب الكلام، ويسير ببطء نتيجة تصلب الشرايين أو قصور دورة الدم في المخ، وقد يظهر عليه من الأمراض الخطيرة مثل السكر وارتفاع ضغط الدم والبدانة، ويزيد الطين بلة أن يكون مصاباً بالتدخين.
ونتيجة طبيعية لكل ما ذكرنا أن يفضل الجلوس في ا لبيت مستمتعاً بالقراءة أو مشاهدة برامج تليفزيونية، بينما المرأة الشابة تريد الخروج من جو البيت إلى الحفلات والأماكن العامة، والاشتراك في رحلات مع صواحبها، بينما يرفض هو ذلك ويرى أنها تتصرف كمراهقة صغيرة، فتشعر أنه لا يحبها وأنها سجينة، فتلوح أشباح التنافر والشقاق والتي تؤدي إلى الانفصال والطلاق.
لماذا تتزوج الفتاة من رجل أكبر منها؟
يرى خبراء النفس أن هذه الفتاة هي امرأة شديدة الخوف من الحياة، تريد رجلاً يحميها ويعطيها الأمن المنشود، ويحل لها مشاكلها وييسر لها شؤنها، ويوفر لها استقرار مادي كبير، فتقنع نفسها أن فرق السن الكبير أمر تافه لا يهم، ولكنها بعد مرور الوقت تصطدم بصخرة الواقع وتشعر بالاخفاق والفشل في هذا الزواج غير المتكافئ.
إن تزويج الفتاة من شيخ مسن فيه أخطاء كثيرة منها:
1- أن من أهم مقاصد الزواج لكلا الطرفين المتعة الجسدية، وقد يعجز الشيخ المسن عنها، وقد تفاوتت قواهما في هذه الناحية فغلبت عليها الحرارة، وغلبت عليه البرودة.
فإن كانت ذات دين صبرت، وإن لم تكن كذلك لجأت إلى معين آخر بدل هذا المعين الذي غاب ماؤه، فتتفتح أبواب الغيرة ويضطرم عنده الشك في سلوك زوجته الشابة.
2- هذه الفتاة وقد حُرمت من المتعة الجسدية فإنها تعوضها بمتعة مادية أخرى، فتستنزف ماله... وفي نفس الوقت تتطلع إلى سواه، فهو بهذا الارهاق المادي الذي يغدقه عليها كالزارع في غير أرضه، والباني في غير ملكه والمربي لغير ولده.
4- في هذا الزواج ضرر صحي بالغ لكلا الطرفين، فالفتاة وهي قوية الشهوة بحكم سنها لا تكتمل المتعة معه، وهذا له أثره على نفسيتها وعلى صحتها العامة.
والشيخ إن أراد أن يظهر أمام الفتاة بمظهر الشاب القوي يحاول عبثاً أن يجذب قلبها إليه فيجهد نفسه ويستعين بما استطاع من عقاقير يبعث بها الراقد، ويوقظ النائم، ولكن عما قليل سينكشف السر.
وقد قرأت عن شيخ كبير السن تزوج من فتاة وبعد وقت قصير توفى رحمه الله بسبب ما كان يتناوله من منشطات وعقاقير ليرضي زوجته الشابة.
شبهة لابد من التوقف عندها:
فإن قيل إن رسول الله تزوج السيدة عائشة وعمرها ست سنوات وبنى بها وعمرها تسع سنوات، وكان عمره ثلاثة وخمسين سنة، فنقول إن هذه الحال تخرج عن القاعدة لأسباب منها:
أولاً: أن شخصية رسول الله لا يمكن مقارنتها بأي شخصية أخرى، ولذلك كانت عائشة سعيدة بهذا الزواج، وقد خُيرّت قبل ذلك فاختارت رسول الله r.
ثانياً: إن هناك حكمة من هذا الزواج ومنها زيادة الروابط بين الرسول وبين أبي بكر.
ثالثاً: قوة دين عائشة وعفتها، فلا يمكن تصور وقوعه محظور من هذا الزواج، وبسب صغر سن السيدة عائشة تم حفظ السنة الشريفة، فهي حفظت عن الرسول ونقلت الحديث بعد وفاته إلى الأمة.
المرأة أكبر من الرجل:
فقد يتحمس شاب للزواج من امرأة تكبره بخمس سنوات أو أكثر، فتصبح علاقته الزوجية مثل علاقة الأم بإبنها، ويدفع الشاب إلى الزواج من امرأة أكبر منه أسباباً منها:
1- أنها أنضج عقلاً وأوسع خبرة، وأفضل سلوكاً، وأقوى شخصية، وأكثر استقراراً.
2- فهو ينتظر منها قدراً أكبر من الحنان كما كان يأتيه الحنان من أمه الأكبر سناً، فهو يرى في امرأته صورة أمه ودورها في الحياة.
3- اعتقاده أن المرأة الأكبر سناً أقدر على البذل والعطاء.
4- قد تكون أكثر ثراء وغنى ونفوذاً فتساعده على الحياة وهو في مقتبل العمر والعمل.
ومن وجهة نظرنا الخاصة فإن هذا النوع من الزواج قد ينجح وقد يفشل وخاصة عندما تصل المرأة إلى سن انقطاع المحيض وتقل الرغبة الجسدية عندها وفي المقابل يكون الزوج عند قمة الهرم في الرغبة الجسدية.
ولكل قاعدة شواذ:
وهنا نذكر نموذجاً من نماذج الزواج الناجح وكانت الزوجة أكبر سناً من الزوج، وكان بينهما من التفاهم والود والحب ما لم يشهده التاريخ من قبل ولن يشهده من بعد.
أنها قصة زواج السيدة خديجة من رسول الله r وكانت تبلغ الأربعين من العمر والرسول يبلغ الخامسة والعشرين، السيدة خديجة أول من آمنت بالرسول r وواسته بمالها، وكانت رفيقة الدرب شريكة ا لآلام والأمال، أحبها الرسولr حباً شديداً، ومن وفائه لها أنه لم يتزوج عليها في حياتها، وكان دائم الذكر لها بعد موتها، وسطّرها التاريخ بسطور من نور كلماتها التي واست بها الرسول عندما نزل عليه الوحي، ورجع إليها وأخبرها الخبر وقال: ((لقد خشيتٌ على نفسي))، فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
وقال عنها رسول الله r: ((آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء)).
وقال الرسول r: ((فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)).
تقارب السن بين الزوجين:
هناك عوامل كثيرة تساهم في انجاح الزواج، ومن بين هذه العوامل فارق السن.
إن فارق السن المناسب بين الزوجين وهو ما بين خمس وعشر سنوات عند أكثر الآراء؛ يؤدي إلى نجاح الزواج والتفاهم والتقارب بين الزوجين...لماذا؟
لأن الفتاة أسرع نضجاً من الفتى في العمر نفسه، وفي الوقت نفسه يكون الرجل أكثر شباباً من المرأة في السن المتأخرة (بعد انجاب المرأة الأكثر من طفل ورعاية اسرتها) أي أن الرجل في سن الخمسين أكثر شباباً من المرأة في السن، وفارق السن عند الزاواج له أهميته حتى يستطيع الرجل إدراة البيت بخبرته وحكمته، وفي السن المتقدمة يكون فارق السن علاجاً مهماً لمرحلة الشباب عند الرجل والمرأة.
وفارق السن المناسب يجعل المرأة تقدر زوجها أكثر فهو يعطيها الحماية وهي تعطيه الحنان والحب.
فتنظر المرأة إلى زوجها نظرة احترام وتقدير لأنه الأكبر والأكثر خبرة وهكذا تسير السفينة بربان واحد ورفيق طريق متفاهم فينشأ الأطفال في أجواء طبيعية.
ولا يُفهم من كلامنا أن الزواج الذي لا يراعي فارق السن محكوم عليه بالفشل، فكثير من الأسر تعيش سعيدة بالرغم من ذلك، ولكننا نتحدث عن الوضع الأفضل.
أما الذين يفكرون فقط في اشباع رغباتهم العاجلة دون النظر إلى عواقب الأمور، وأهمية فارق السن، وتأثير التفاهم بين الزوجين على الأطفال؛ فإنهم ينظرون تحت أقدامهم، ويغفلوا ما قد يحدث من مشاكل عائلية واجتماعية ونفسية لجميع الأطراف.
تعالى عزيزي القارئ لنرى فارق السن عند غيرنا من البلاد، ففي أمريكا كان فارق السن بين الزوجين ست سنوات عام 1890، وأصبح الآن ثلاثين شهراً أي سنتان ونصف فقط، أما في أوربا فظل فارق السن بين الزوجين كبيراً.
ويرى (فان دفلد)في كتابه الزواج المثالي: أن يتزوج الرجل والمرأة في سن مبكرة متساوية أو متقاربة، ويرى أيضاً أن يكون الرجل أكبر من المرأة سناً وأكثر خبرة، ولكن إذا زادت سنه عن سنها بعشر سنوات، فلن يكون في ريعان الشباب.
ويرى أيضاً (فان دفلد) أن فرق السن بين الزوجين يجب ألا يتجاوز بضع سنوات فحسب، وبذلك يمكنهما أن يبدأ حياتهما الزوجية بمقدار متقارب من التجربة والخبرة، وإذا بدأ الزوجان زواجهما في سن مبكرة استطاع كل منهما أن يشارك الآخر مشاركة متزايدة في التجارب والمشاعر الشخصية، وإذا تأخر الزواج إلى سن أنضج أتى كل منهما معه بمهارته لتحسين علاقتها الزوجية.
وإذا سألت عزيزي القارئ، لماذا نهتم بتقارب وتكافؤ السن بين الزوجين؟
فتجد أطباء النفس الذين يجيبونك عن هذا السؤال للأسباب الآتية:
1- اختيار السن المماثلة والمتقاربة دليل على نضج المجتمع ومسايرة العرف والمعروف.
2- ظروف المعيشة والحياة تجعل الواجبات والتبعات مشاركة بين الزوجين.
3- عند تقارب السن بين الزوجين تتقارب أفكارهما ونظرتهما للحياة ومطالب الأسرة وتتحد أراؤهما في تربية الأطفال وتقدير الأمور.
4- يتقارب الوضع الاجتماعي في درجات الوظائف، ولا يحدث تفاوت كبير بين الزوجين في الأحلام والآمال والطموح عكس ما يحدث إذا كان كل من الزوجين من جيل مختلف.
كما قال الشاعر:
سارت مشرقة وسرت مغرباً شتان بين مشرق ومغرب
وفق الله الأسر المسلمة إلى الزواج المتكافئ السعيد.

0 commentaires:

إرسال تعليق